ديمقراطية الخوف
قررت بعد الاتكال على الله إن أمارس الديمقراطية في دولتي الصغيرة . والتي يحدها جاري أبو عواد من الغرب وجارتي أم خليل من الشمال , والتي لا تتجاوز مساحتها الدونم المربع . ويعتمد اقتصادها على الزراعة , وتربية المواشي والدواجن . حيث هناك عدد من أشجار الزيتون بعضها لا يثمر . وحظيرة أغنام لا يتجاوز قطيعها أصابع اليد الواحدة , وما يقارب الخمس من الدجاج البلدي البياض . وفيها بئر ماء ادخرته لحاجات الزمان. وكان هدفي الوحيد إن أصل إلى مستوى الاكتفاء الذاتي , حيث إنني أخشى المقاطعات الاقتصادية
والتي طالما هددتني بها جارتي أم خليل , بسبب الخلافات الحادة والتي غالبا أسبابها دجاجاتها التي تدخل حدود دولتي دون أذن مسبق .
تم الاجتماع السري للغاية في إحدى عرف البيت , وتعمدت إن تكون أقصى غرفه منزوية لشمال الشرقي , وسبب اختيار تلك الغرفة يعود إلى موقعها الاستراتيجي , وبابها المحكم الذي تستطيع إغلاقه بإحكام .
طلبت من مستشاري ونائبي الأول (أم محمد) حضور الاجتماع , فلبت على الفور.استغرق الاجتماع ما يقارب الساعة . تمخض عنه عدة قرارات وبنود مهمة . أهمها وجوهرها: تطبيق الديمقراطية التي نسمع عنها والسير في ركب الدول المتحضرة . حيث أعجبت (أم محمد) بالديمقراطية أيما إعجاب: حيث التعبير عن الرأي وعدم العنف الأسري.....الخ .
وبعد انتهاء الاجتماع, جلست أم محمد مع الشعب (الأولاد), وحدثتهم بالقرارات الهامة التي أسفر عنها الاجتماع , ففرحو ورقصوا وطربوا, حتى لم أطق الجلوس في البيت, فخرجت مغلوبا على أمري.....وقطفت أول ثمرة من ثمار الديمقراطية .
وعندما خرجت وجدت أبناء جاري يعبثون بسيارتي , وقد (بنشروها) . فلم انطق بكلمة واحدة , لماذا ؟ لأنها الديمقراطية ......تستوجب ذلك.
رجعت إلى البيت منهكا , وحاولت الاستلقاء والاسترخاء قليلا , وبينما إنا كذلك إلا وصليه من حذاء انفجرت بالقرب مني , فنهضت مذعورا لأجد أولادي يمارسون الديمقراطية داخل البيت , ويعبرون عن أحاسيسهم بحرية ....نعم أنها الديمقراطية بحق.
ولم تقتصر ديمقراطيتنا على هذا الحد , بل إن احدهم داس (بغير قصد ) في بطني وإنا نائم فصبرت لان الغرب أطال الله في عمره , قال إن الديمقراطية تحتاج إلى صبر.
ذهبت إلى غرفتي وحاولت إن أنام وان أتعود على النوم والديمقراطية معا فلم استطع , بسبب هتافات الجماهير داخل البيت ....تعيش الديمقراطية .......الخ
ومرت ثلاث أيام على هذه الحال , حتى اصفر لوني , وشحب جسمي , وأصبح وجودي وعدمه سيان.
خرجت من البيت , وبحثت في الحديقة عن بقايا (بربيش) نوع أصلي , وقطعت منه ما يقارب المتر, وعدت إلى البيت وقد أثرت الديمقراطية في دمي . فبدأت بمستشاري الأول ....ثم اتبعته بالرعية (الأولاد)....حيث كان الضرب مبرحا......وفرضت الإحكام العرفية , حيث عدم التجول إلا لضرورة القصوى.... ثم عمدت إلى سريري لاستلقي بهدوء , وأحلم أحلام ورديه.....
ولكن هل إنا على حق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟